الأحد، 21 ديسمبر 2008

ريما





ريما....من لم يعشقها......؟
جميلة كأزهار اللوز فى حديقتها....نقية كجداول المياة فوق التلال الخضراء..... رقيقة كنسمة هواء فى شهر نيسان.... عذبة كأغنية حب تشدو بها الحياة...
مازالت صغيرة.....تفتح عينيها على الدنيا.... كأزهارها الصغيرة التى تفتح اوراقها لتستقبل الربيع القادم.....
ريما تحلم.....ريما تلعب.....ريما لا تعرف إلا ابويها ..... ودميتها التى تحتضنها عندما تنام......
ريما ...لا تعلم ماذا يمكن ان يفعل بها الزمان.......
**********************
من بعيد تسمع صوت آذان الفجر يرتفع بصوت جميل فيبدو كل شئ حولها كالحلم وللحظة نست ما هى مقبلة عليه.....
رياح ايلول تتلاعب بأوراق الأشجار المتساقطة حولها فتصنع منها دوامات صغيرة على جانبى الطريق غير الممهدة....
جميلة هى...ذلك الجمال الذى تحمله التماثيل...لكن الحياة لم تعد تسكنها منذ وقت طويل.....
عيناها الزرقاوان التى تختبئ خلف عويناتها الأنيقة تحملان بحار من الألم امتزج بالحزن.....ليغرق داخلهما الأمل ....
*********************
ريما....
ترى.... بماذا تحلم...؟
ربما تحلم بالطيور تغرد قرب نافذتها الصغيرة.....ربما تحلم باللعب مع اصحابها فوق الربوة القريبة.......
لكن احلام الربيع انتهت على صوت الرعد...لماذا اتى الشتاء قبل موعده.....؟! ترى هل ستسمح لها امها بالعب مع اصحابها بعد الآن.....؟
كان هذا ما تفكر فيه ..... لم تكن تعرف ان الهول قد بدأ..... وأن هذه آخر ليلة يمكن ان تحلم فيها......
**********************
ترتعد....ترى هل هى خائفة ...؟! ام انها برودة رياح الخريف تمهد لعودة شتاء جديد....؟!
تنظر الى التلال التى ما عادت تعرفها.....تحاول ان تسترجع اشياء ما عادت تذكرها عن اوقات تعلم انها لن تعود
تسمع صوت الأجراس تدق داخل أطلال الكنيسة فوق التلال الجرداء.... فتتعجب هل هناك احد مازال يسكنها....ام انها تتوهم؟!
ترى تلك المنازل المهجورة ..... فتذكر......
********************
الظلام... صرخات امها تناديها...ابوها يركض نحوها ...صوت الرعد يرتفع اكثر...
منذ متى والسماء تمطر نيران.... ؟!
الكل يركض فى كل اتجاه ... لا أحد يعرف ما يحدث ..... السماء اضيئت بآلاف الأضواء التى تحلق فى الفضاء ثم تهوى بجنون فوق الرؤوس .... وتلك الوحوش.....! نعم وحوش لكنها تنفث نيرانا تلتهم كل شئ ... البيوت ...الناس ...الأحلام .... والزهور الصغيرة التى نبتت فى نيسان...
امها تحتضنها وتجرى خلف ابيها ، تحاول الهرب ... لكنها تتوقف فجأة وتسقط ... تنظر اليها وشبح ابتسامة تظهر فى خجل فوق شفتيها المرتجفتان وكأنها تطمأنها ..... يشخص بصرها .... تنحدر دمعة ببطأ على وجنتيها ...وتختفى الأبتسامة....
ريما لا تعرف..... ريما لاتفهم ..... لماذا يبكى ابوها ...؟!
ينحنى ابوها ليقبل امها على وجنتها ... يحمل ريما ويركض....
(لماذا تركناها ياأبى.....؟!) .... لايجيب ، لم يعد هناك ما يقال...
************************
اليوم ريما تعرف.......اليوم ريما تفهم....
أشباح أضواء تختلط بظلال أشخاص لتسقط على الطريق شبه المظلم امامها..... تقترب اكثر .... ترى بوضوح الآن .... اصواتهم تعلو كلما اقتربت – كم تمقتهم وتمقت وجوههم – و بنادقهم الآلية تتدلى من خصر كل منهم ...
اليوم هى تفهم..... هم من قتلوا امها .... حلمها ..... دميتها الصغيرة .... ازهارها ..... هم من اسكتوا اجراس الكنيسة ....
اليوم هى تعرف....تعرف كيف تنتقم .....تعرف ماذا عليها ان تفعل لتعود الى ذلك الحلم الذى انتذعوه منها يوما ما.....
يرونها..... يتجه احدهم اليها ليوقفها ويتفقد اوراقها ... يسألها عن شئ ما ... لكنها لاتجيب .... هى لم تعد معهم ...انها على اعتاب ذلك الحلم الذى تركته منذ عشرين عاما ..... حلما ترى فيه امها ودميتها وازهارها ... و تمد يدها لهذا الحلم...
يصرخ ذلك الجندى الذى رآها تمد يدها لزر التفجير ويحاول ان يحذر الآخرين.... لكن انتهى الأمر ... لقد وصلت لحلمها ... وأخذتهم معها الى الجحيم...
اليوم عادت ريما .... الطفلة الجميلة .... التى تركض فوق التلال لتعانق نسمات الربيع التى يحملها لها شهر نيسان ......
تمت

سعيد



انه الفجر لقد بدأت الشمس ترسم خيوطها الذهبية فى السماء،ومعها كانت تتثائب فى خمول وهى تقاوم ذلك الشعور اللذيذ بالدفئ..
تنظر إلى منظر الفجر الساحر فلا ترى سوى بداية ليوم جديد ملئ بالمشقة ...
سوف تبدأ مسيرتهاالأبدية فى الحياة- أو الهم- كما تحب ان تسميها والتى لا تستريح منها إلا فى المساء....
هى... ربة منزل بسيطة جدا ...عادية جدا ...من ذلك الطراز المصرى الذى يسخط من الحياة التى لم تنصفها ، كان من الممكن ان تكون شيئا مختلفا تماما لو لم تعطها امها لأول عريس يقابلها ... ثم تنام وهى راضية عن نفسها وحياتها وعن العالم كله بعد ان ترى ابنائها (هؤلاء المفاجيع ) كما تحب ان تسميهم يأكلون طعامها ويملؤن البيت صخبا .... حقا هم من يعطون لحياتها معنى .... فتحمد الله عليهم وتنام وهى تعشق حياتها.....
لكنها تبدأ الآن فى ترتيب مهام هذا اليوم العصيب ... الغسيل اولا ...ثم المطبخ ...ثم... ثم ..مهام لا تنتهى ابدا ...
هنا خرج من الغرفة احد هؤلاء الذين يجعلون لحياتها معنى ..
لماذا هو يبتسم هكذا .... (ربنا يسعده كمان) ...لكن الأحمق بدأ يغنى وبصوط عالى ... ماذا حدث ..؟! هل جن .. سوف يستيقظ ابوه ويقوم بثورة ..عليها وليس عليه لأنها لم تحسن تربيته ... هكذا هى اساس كل المشاكل.... لكن ماذا حل بالفتى ..؟!هذا ليس موعد امتحانات فماذا اذن ..؟!
ظلت تراقبه بذهول ... حاولت ان تسكته لكنه بادرها بقبلة على جبينها .. فسكتت وراقبته وهو يخرج من باب المنزل ...
بداخلها شعرت بالسعادة ... إن ابنها سعيد ..جزء من كيانها سعيد .... ماذا تريد غير ذلك ؟!
لكن شعورها هذا لم يستمر طويلا .. فقد تبدد بعد ان سمعت ذلك الصوت الأجش الذى انهكته سنون من التدخين يناديها من الداخل ...لقد اصطدم بشئ ما على الأرض فزاد ذلك من عصبيته ..... حقا ان يوما عصيبا ينتظرها...
***********************
يجلس امام باب العمارة.... الجو شديد البرودة ...حتى ان الهواء نفسه قد اوشك على التجمد .... يرتدى ذلك الجاكيت الصوفى ورغم ذلك يخترق البرد عظامه ذاتها ويفتتها ..
هو يجلس هنا وهؤلاء الأوغاد – سكان العمارة – ينعمون بالدفئ .... وقريبا ستستدعيه احداهن ليشترى لها شئ ما لأنها تخاف على نفسها البرد...اللعنة عليهم جميعا ...اللعنة على هذا البرد القاسى ..اللعنة على اى شخص يطلب منه اى شئ فى هذا الجو اللعين ...
صعيدى جدا وقد اقسم ألا يجيب نداء احد هذا اليوم ...ولا حتى زوجته...
(عم عوض...) سمع اسمه فانتفض من مكانه وهرع الى ذلك ( الأستاذ ) كما يدعوه ..... لقد نسى قسمه الذى اقسمه منذ ثوان ، حقا هؤلاء الصعايدة متحجرى الرؤس يصعب إثنائهم عن اى شئ يريدونه ...
وقف مع هذا المخبول الذى ظل يدعوه بالأستاذ رغم كل شئ...... والذى اخذ يحدثه عن الجو الرائع .... رائع..؟! إن هذا الجو لجدير بالملاحم الأغريقية - لو ان (عم عوض) يعرف عنها شئ - لكنه وافقه على كل حال وهو يرتعد من البرد ...
تركه ذلك الأستاذ وخرج وهو يغنى شيئا ما عن جمال الحياة ....
عاد عم عوض الى مكانه بعد ان قال شيئا ما عن (اصحاب العقول) وقد اقسم الايقوم ثانية لأى شخص مهما كان .. وماكاد يجلس حتى سمع زوجته تنادى عليه .. فهب مسرعا إليها ....حقا انه رجل يعرف كيف يبر بقسمه ...
**********************
(هوه يوم باين من اوله .....) قالها مع ارتطام اول قطرة من المطر بزجاج سيارته الأجرة ...
لم يكن يومه على ما يرام ....بداية من تحميل السيارة بالركاب والذى استغرق قرابة الساعة ....ومرورا بذلك الراكب الذى يرفض ان يدفع ( الربع جنيه ) الزيادة فى الأجرة ويصر انه لن يدفع مليما واحد وانه اذا اراد منه ان يدفع فليذهب معه إلى الشرطة ....
إن بائعى ( الفجل ) قد زادوا من ثمنه لأن سعر البترول قد ارتفع – ولا ندرى ما هى العلاقة بين سعر الفجل والبترول – فلماذا لا يزيد هو من اجرة السيارة ؟! لذلك كاد ان يشترك مع الراكب فى شجار دامى من اجل معركة ( الربع جنيه) ...
اما ما زاد الحياة تعقيدا تلك المرأة البدينة التى ركبت الى جواره ... لا ان كلمة بدينة لا توفيها حقها ، لكم ان تتخيلوا انها جلست فى مقعد ين كاملين ورغم ذلك بدى وكأن المكان احتله خمسة رجال ...
كانت ترمقه بتلك النظرات التى يعرفها بحكم خبرته ...
ان الواحدة من أولائك النساء تظن نغسها ملكة جمال ( الفـلبين ) مع انها لا تصلح ملكة جمال ( لكفر ابو حتاتة )..
وبعد ذلك يأتى المطر ليزيد الحياة تعقيدا
الأمطار غزيرة ورغم انهم مازالوا فى وقت الصباح .. فقد جعلت الغيوم الدنيا وكأنها تستعد لأستقبال نهاية العالم.. أنه بالكاد يرى الطريق ...وفجأة ومن دون اى مقدمات ... يظهر هذا الشخص امام السيارة من العدم ليعبر الطريق امامه ....
كادت دماء هذا المجنون ان تلون الطريق لولا خبرة السائق ... التفت اليه السائق ليرى ماذا اصابه... فوجد هذا الشخص الذى كان يسير تحت المطر يبتسم له فى هدوء اقرب الى البلاهة ويكمل طريقه وهو يغنى ..اراد ان ينزل ليفرغ ما به من غضب فيه لكنه قدر ان هذا الفتى مخبول تماما ... ومن غير الحكمة التشاجر معه ... لذلك اكتفى بان وجه له مجموعة منتقاه من الشتائم .... ثم نظر الى المرأة البدينة بجواره وأكمل الطريق وهو يغمغم
( شغلانة تقصر العمر.......... )
*********************
كانت تجلس وحدها فى كافيتيريا الكلية الخالية من الطلبة تقريبا ..... تحاول ان تفكر فى هدوء ... اشياء كثيرة تشغلها ...تريد ان تبعدها عن عقلها الآن ... لقد اقتربت الأمتحانات وهى لم تخط قلما فى كتبها حتى الآن ...
كانت هى اجتماعية ..... مرحة... يحبها الجميع ... لم تكن ممن يكرهون الكلية لكنها كانت تعشق الحياة داخلها اكثر من دراستها ...
من الخارج سمعت من يغنى لفيروز ... وبصوت عالى ...من المخبول الذى يقف تحت المطر فى مثل هذا الجو ليغنى ..؟! لكنها كانت تعشق فيروز حقا فلم تملك إلا ان تغنى معه بصوت خفيض ...ان هذا الشخص بالتأكيد مجنون .. ولكنه ايضا وبالتأكيد ...سعيد ..
نظرت من خلف الزجاج فوجدته واقف هناك ... مبتل تماما ... لايبالى بالبرد والمطر ...يغنى وهو مبتسم ... لا تدرى لماذا ابتسمت ..؟! ..لماذا خرجت الى ذهنها افكار كثيرة .. رقيقة ...عذبة كانت تحاول ان تبعدها عنها ...؟
مهذب ..... رقيق ...... مرح جدا .. اجتماعى جدا ... لاتنكر انها تميل اليه ولكن ...ليس هذا بالوقت المناسب للتفكير بهذه الأشياء... وعادت مرة اخرى لتنغمس بين اوراقها محاولة تجاهل تلك الأفكار....
**********************
سعيد ..... لا يدرى لماذا هو سعيد ... ولايريد ان يعرف ما هو السبب ....يمشى تحت المطر ...لا يبالى بتلك السيارة التى كادت تقتله ... يريد ان يغنى .. يحب الشتاء ...يحب المطر ...يحب الحياة ... يحب ( عم عوض ) البواب الصعيدى ..وهذا فى حد ذاته يبدو غريبا بعض الشئ ....
يقف فى وسط الكلية يغنى ...لفيروز ... كم يعشقها ...لماذا لم تكن بهذا الجمال من قبل .....
هناك من داخل الكافيتيريا يراها ..... غارقة فى التفكير فى شئ ما ... لقد نظرت له وابتسمت ... تالله ما اعذبها من ابتسامة ...
دخل اليها جلس الى مائدتها ... تنظر اليه فى خجل ... يبدو انه جاء فى الوقت غير المناسب ... هم ان يرحل لولا انها سألته ( لماذا انت سعيد هكذا ..؟!) سكت لبرهة ونظر الى عينيها .... ثم قال ( فى الحقيقة لم اكن اعرف ...لم افكر فى ذلك ... لكنى اعرف الآن ) ......
ببساطة سعيد لأنى ..... احبك...


تمت

بلا روح



هل استيقظت ثانية...؟؟!.........هل هذا يوم جديد......؟؟
.....جديد!!!....... ما الذى يمكن ان يكون جديد؟..لقد اصبحت الحياة يوم واحد .....رتيب.....ممل..... يكرر نفسه بإستمرار...
تحامل على نفسك.....أخرج من هذا المكان الذى سأمته....لتذهب إلى مكان آخر تسأمه ايضا وتكره من به.....هيا فلنرتدى القناع ...فلتبتسم.....هيا أبتسم.... لا يجب أن يعلم احدا منهم الحقيقة....أضحك....وزع الفرح على الأخرين ..أجعلهم يلتفون حولك لعلك تشعر بالدفئ....ولكنك تعلم ان هذا لن يفيد فى عالمك الذى غمرته الثلوج....
اعطهم ما يريدون منك ثم اهرب سريعا...اسمع كلمات الأستحسان ...وأرحل...ترى من منهم يتذكرنى بعد عام من الآن ؟؟؟.....الى متى يذكروننى بعد موتى؟؟.......لا أدرى.....بل لا اظن ان يفعل احدا ذلك.....أسير وحيدا بين عشرات الناس التى تملأ الطريق لا ابغى غير الهروب منهم.....لا اعلم الى اين اذهب بل لا اعلم ما الذى يدفعنى للحياة اصلا...اعود لسجنى الذى سأمته بمجرد رؤيته مجددا....اخلع قناعى..فتطالعنى مرآتى بحقيقتى...فلا أرى غير وجه كأيب ملأته ندوب الحزن وروح متعفنة ماتت منذ عصور .....أخاف مما أرى وابتعد عن المرآة .... ثم اغرق فى الضحك وأسخر من نفسى...كيف أخاف وانا بلا روح........؟!!!

تمت

السبت، 20 ديسمبر 2008

فات المعاد


منذ متى لم يأتى إلى هنا...... خمس سنوات ...... لقد بدت وكأن دهر مر، لقد تغير كل شئ على وجه الأرض إلا هذا المكان. كان يقف امام البحر ورغم برودة الجو لكن بداخله دفئ تبعثه زكريات احياها هذا المكان بعد ان ظن ان الزمان قد طمس معالمها تماما...
ياه .... مازال بائع الذرة هناك كما كان منذ خمس سنوات....... لا يبالى بالبرودة و لا البحر الذى يكاد ان يغرقه رذاذه...... ينتظر أن يمر عليه عاشقان ليدفأهما بأكواز الذرة حت أننى كنت أظنه لا يعمل طلبا للرزق......... بل خدمة للحب.....
لطالما أبتعت منه.... ترى أمازال يذكرنى إلى الآن؟!أمازال يذكرنى انا و....
"لا لن يذكرنا.........." جائته تلك الأجابة التى قطعت عليه افكاره،مفاجئة تمناها لكنه أبدا لم يتوقعها ...... حاول أن يتكلم ولكن لم يدر ماذا يقول ...... تكلمت هى "....لقد مرت سنوات منذ .... كما تعلم....." ....أحست بضيق ولم تستطع اتمام عبارتها
اراد ان يسألها ......... و تمنت لو تحكى له.....
اراد ان يبكى بين يديها ..... و تمنت لو تحتضنه......
مازال يحبها...... ومازالت تعشقه......
لكن شئ لم يحدث ........ كان الصمت ابلغ من أى شئ......
من بعيد كان بائع الذرة يغنى كعادته لأم كلثوم....... ولكن هذه المرة كانت أغنية حزينة ....."...وبقينا بعاد ... والنار بقت دخان ورماد ...... فات المعاد ...."
"هل تزوجتى....؟"
ترددت ثم اجابت ....."نعم.... وانت..؟"
"نعم .....ولى طفلين....."
دار بينهما حديث بسيط لخمس دقائق.... حديث غريبين التقيا فى طريق له إتجاهان ولا يستطيع أحدهما أن يغير أتجاهه فى وسط الطريق ....
أفترقا على وعد بلقاء لن يستطيع اى منهما تنفيذه....!
أفترقا ولا يعلم اى منهما لماذا كذب على الآخر....!
فهى لم تتزوج....... وهو لم يعرف أمرأة بعدها قط......!!
ربما لم يملكا الجرأة...... ربما خوفهما من الفشل ثانية........ ربما خوفهما من الماضى........
أو ربما ببساطة ......"...فات المعاد....."



تمت.

قالوا لى...........


إن الأمور تزداد سؤا....لا أدرى ماذا أفعل؟؟
لقد فات 4 ساعات منذ أنقطع الأتصال مع القادة....ولا أدرى ماذا يحدث بالخارج.....!!
كانوا دوما يقولون لى ماذا سيحدث وما الذى يجب على فعله...... يقولون لى ما الصواب وما الخطأ وكنت اطيعهم بلا نقاش،لأنهم دوما على حق........
قالوا لى نحن اصدقائك.......... فصدقت،قالوا لى اقتل هذا........ فقتلت، دمر هذا .... ونفذت....ونفذت... قالوا لى هؤلاء اعدائك فاذهب وخذ حقك منهم.....ففعلت،وكيف لا أفعل وقد أحبونى واهتموا بى حين بخل على الآخرون....بلدى وأهلى واصدقائى وحتى ابى وامى.....؟!!!!.. وكيف لا افعل وقد منحونى كل ما أريد بل و أعطونى الفرصة لأنتقم......؟!!
ولكن اليوم لست أدرى إن كانوا على صواب أم انا من ضعف إيمانى بالقضية.......؟!
سألتهم لماذا؟! قالوا نحتاج للمال لنستكمل جهادنا فى سبيل الحرية....
لماذا مدرسة الاطفال ؟!! قالوا لى عملية سهلة .. سوف يخضعون سريعا ويدفعون الفدية......
والآن ماذا ؟.... محاصرين لا أدرى ماذا أفعل أنتظرهم ليقولوا لى........ ما الصواب؟
اسمع بكاء الأطفال من مكان ما فينفطر قلبى الذى حسبته مات منذ سنوات وأتمنى أن ارتمى فى احضانهم لأبكى معهم........
تخرج طفلة من بينهم لتسألنى :هل ستقتلنا؟؟؟ وتبكى فأتمنى لو أضمها إلى صدرى وأقول لها لا تخافى لن يمسوا منك شعرة واحدة ما دمت حيا،ولكن.....لا أستطيع.
أخيرا رن الهاتف .....أخيرا سيقولون لى ماذا أفعل ....وسيكون الصواب.....وبدا لى وكأنه يعزف لحنا.....لحنا عذبا من الأمل فى اذن انسان حكم على روحه بالموت فأحياها....هرعت إليه ولكن ماذا......... ؟!!!فجر .... المدرسة.... الشهادة.....الحرية....الرسالة.....كانت الكلمات تتتابع على أذنى ولكنى لم أستوعبها...... وبدت لى وكأنها طلقات رصاص اطلقت على....ألقيت الهاتف فى رعب وصرخت...... لا ...لن يكون....جريت على الابواب.....فتحتها.....أهربوا.....اين الحرية فى قتل طفل ؟!!!! ما الحرية التى سبيلها أرهاب الناس؟!! وجائتنى الأجابة فى رصاصة من أحد المجاهدين فى سبيل الحرية ....... قاومت حتى استندت إلى الحائط.....ورأيت الطفلة التى سألتنى إن كنت سأقتلها منذ قليل وهى تبتسم لى ثم ركضت مع أقرانها.............
قالوا لى......أدْ الرسالة.....والآن قد أديتها ....فلا تقولوا لى شيئا بعد الأن.........أشهد أن لا إله إلا الله........ وأشهد أن محمد رسول الله......

تمت

الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

إثنان



كيف إفترقا؟؟؟!!!........لا أحد يدرى..........
هو........إذا رأيتها تظاهرت بأنى لا أعرفها، ولكنى كنت أتفتت من داخلى حين أراها....كنت أجلس بعيدا عنها ولكن عينى لا تفارقها............يا إلهى هل كل هذا الحزن بسببى؟!!
اين إشراقها؟!..... أين ضحكتها التى كانت تبعث الدفئ فى النفوس ..وتحيل الشتاء ربيعا؟!.....أين ذلك البريق فى عينيها؟!......ولماذا حلت مكانه الدموع؟!...هل كل هذا بسببى؟! .....ومن انا لأجعلها تحزن وهى التى لم تخلق إلا لتفرح؟! ....من أكون لأجعلها تبكى وهى التى لم ترى الدنيا مثيلا لها؟! ......ليتنى أعود إليها .....ولكنها جرحتنى.....
هى......أراه فى المحاضرات كل يوم......أبكى كل يوم لفراقه.....أحاول أن استجمع شتات نفسى أمامه ولكن كثيرا ما تخوننى عيناى......كم هو حزيين لقد زادته الهموم عشرات السنين فوق عمره... ليتنى لم اولد حتى لا اراه فى هذا الحال....أتمنى سماع صوته ينادينى .....ليتنى أستطيع أن أبكى بين يديه......لكن الحاجز بيننا إزداد حتى أصبح من العسير هدمه.........
هما......كانت المحاضرة مهمة...ذهب ليحضرها لم يجد مكان آخر غير الذى بجوارها ترد قليلا ثم جلس.....
هو.... ماذا ستظن بي الأن.......
هى.... لن أضعف ....ما هى إلا محاضرة وتنتهى و ارحل سريعا.......
تعالت نبضات قلبيهما حتى كاد من حولهما أن يسمعها.....أحست بالدموع تحتشد فى عينيها .....لم يعد يستطيع أن يكون بجوارها ولا يراها.....ألتقت عيناهما فكان كلاهما يبكى.....مد يده اليها.....فضمتها بين راحتيها.......
كد ت أموت وانا بعيد عنك............
وانا لم أحيا منذ أفترقنا........

تمت
نهاية 2 :-
كدت أموت وانا بعيد عنك........
وانا لم أحيا منذ أفترقنا........
الدكتور والدكتورة اللى فى آخر صف........ برة المدرج

تمت

3 جنيه


كان يجلس معهم على القهوة ، يحكى لهم عن حلمه .. فيستهزئ البعض .. ويتصنع البعض الأهتمام .. ويبقى معظمهم شاردا مع افكاره ، مشغول بحاله ، مهموم بمشاكله..
لكنه ليس مثلهم ، لم يكن قط مثلهم ..
كان مجدى واحد من سكان هذه الحارة الضيقة ، الذى يقبع داخل هذا الحى الشعبى الذى ينتمى إلى العشوائيات ، الذين ما يكاد ينتهى اليوم حتى ينتهى سعى كل واحد منهم ما بين من مقبل من عمله و من كان يسعى بحثا عنه ، منهم من يجلس هانئ البال بما يوجد فى ذيل حيبه من اموال لا تتعدى بضع جنيهات ويأبى ان يعود لبيته دون ان(( يبر نفسه )) بشئ من تلك الغنيمة التى جائت بعد صبر طويل ، فيطلب التعميرة ويدس فيها قطعة الحشيش الصغيرة التى اشتراها من المعلم صاحب القهوة ليدخل إلى تلك العوالم الوردية التى يحلم بها ، ويمنى نفسه بليلة (( حلوة )) يقضيها مع زوجته التى تنتظره بالبيت ، ومنهم من مر يومه دون ان يحصل على شئ إلا هم جديد يضيفه إلى تاريخه الملئ بالهموم ويأبى ايضا ان يعود إلى بيته فى محاولة منه ان يؤجل المواجهة المحسومة بين الجوع الذى يمزق اولاده وزوجته - الذين يمنون انفسهم بما سوف يحمله لهم – وبين ضيق ذات اليد الذى يمزق روحه ويزهقها .....
لكنه قط لم يكن مثلهم ....
كان مجدى بسمرة بشرته وملامحه غير المنتناسقة يشبه ابناء حارته ،لكنه كان يملك ما لم يملكه احدهم ، كان يملك بداخله طموح كبير شامخ كجبل يأبى ان ينحنى للواقع المرير الذى يحيط به ..
وعلى النقيض من طموحه كان جسده ضئيل فلم يملك قوة الساعد التى تمكنه من العمل فى ورش الحدادة او السيارات كمعظم اقرانه لكنه ملك من الذكاء ما مكنه وهو فى تلك الظروف من الحصول على دبلوم الصنايع الذى ادرك بدون جهد جهيد منه انه لن يساعده على أن (( يأكل عيش )) فى هذا البلد لكنه ظل رغم ذلك مدعاة للفخر امام سكان الحارة إذ كان من القلة التى نالت شئ من التعليم فى حين ان معظم اهل الحارة لا يستطيعون (( فك الخط )) .
لم يكن يستكين لحاله مثلهم ، كان دائما يبحث عن عمل و يجمع ما يستطيع من المال - وإن كان قليل – كى يصل لحلمه، كان فى الوقت الذى لا يعمل فيه تجده جالس على أول ذلك الشارع الكبير القريب من حارتهم ، لينظر إلى حلمه الذى يتمناه
حيث كان مصنع الملابس الذى يتمنى ان يملك مثله يوما قابعا ، لاتتوقف الحركة فيه طوال اليوم ....
كان يعرف ما الذى سيفعله، وقد جائته الفرصة الآن وسوف يستغلها ، قرأ فى الجرائد عن احدى مدن الشباب التى يمكن ان يحصل فيها على مكان البداية سوف يبدأ بماكينة خياطة واحدة مستفيدا بالخبرة التى حصل عليها من عمله فى احد مصانع الملابس ، سوف يجمع ما قام بتوفيره من عمله طوال تلك السنين و يبيع قرط امه وسلسلتها الذهبية التى ورثتها من جدتها التى اشترتها فى ايام العز - عندما كان الجنيه يستطيع أن يشترى ذهبا – وورثها هو من امه عندما ماتت ، ويستلف ما يتبقى له ويذهب ليقدم اوراقه ولا ينسى ان (( يغمز )) الموظف المسئول ببعض الأوراق المالية ليضمن ان يجد له مكان بين المتقدمين ..!
وكان ان فاز بما أراد ، وكان يوم خروجه من الحارة يوم مشهود ، كان اهل الحارة يودعه كما كان يودع الناس الفاتحين الذاهبين للغزو ، وظل الحديث على القهوة لأسابيع يدور حول ما حدث وما سيحدث له وكثرت التكهنات مابين من يؤكد رجوعه خائبا بخفى حنين ومن يتمنى له النجاح.
ومرت الأيام لتحمل لسكان الحارة المزيد من الشقاء والهموم لينسوا معها هذا الذى ذهب ليحقق حلمه ، وكأنه لم يكن ، وتسكت الهمهمات فوق مقاعد القهوة.
كانت قد مرت شهور على رحيله عندما فوجئ رواد القهوة بشخص غريب يدخل عليهم
يبدوا كالشحاذين او المجانين الذين يملؤن الطرقات لم يتحدث إلى اى منهم فقط جلس بعيدا ولكنهم بعد قليل تعرفوا إلى تلك الملامح التى تشبه ملامح ابناء الحارة والجسد الضئيل الذى زاد هزاله فألتصق جلده بعظامه.
سألوه كثيرا ولم يجب عليهم فقط تركهم لحيرتهم تأكلهم وذهب لبيته ، وانتشرت الشائعات عن (( المشغل )) الذى فى وسط الصحراء بلا سكان او خدمات ، والمقلب الذى شربه ، والسرقة التى حدثت، والضابط الذى رفض حتى الدخول إلى ذلك الحى (( اللبط )) الذى يسكنه قطاع الطرق ، و (( البهدلة )) التى نالها ذلك المسكين ، والجنيهات الثلاثة التى لم يعد يملك من ماله الضائع غيرها ، وعاد الكلام ليدور عنه على القهوة ما بين شامت فيه ومشفق عليه ، وكالعادة لعبت الحياة دورها فى نسيان ما حدث وعاد مجدى من جديد كأن لم يكن.
فقط اذا اردت ان تراه اذهب لناصية ذلك الشارع الكبير القريب من حارتهم لتجده هناك جالس ليبكى على ذلك الحلم الذى يراه امامه ولن يصل اليه ، ينام فى الشارع ويجلس كالمتسولين يتلقى من الناس ما يعطونه له ، ويمسك بجنيهاته الثلاثة لا يفارقها حتى وهو نائم..
**********************
لم يكن عم بدوى يعرف ان كل هذا سيحدث وهو يهمس بتلك الكلمات القليلة فى أذن الأستاذ عبد النبى مدير شؤون العاملين بالشركة ....
آه لو كان يعرف ، ربما ما كان أطرق السمع لما يدور فى حجرة البيه المدير من مناقشات بينه وبين وكيل الوزارة الذى جاء لينقل أليه الأخبار بنفسه قبل ان يتم تطبيق القرار ..
(( الشركة هتتخصخص )) هكذا سمعها تقال ولم يعرف معناها ولكنه استنتج مما قيل بعدها عن الخير اللى هيعم على الكل والسياسة الرشيدة للدولة انها بالتأكيد ومما لا شك فيه (( علاوة )) سوف تأتى للموظفين وبالتالى سينال منهم الحلاوة ويصيبه من (( الحب جانب ))
آه لو كان يعرف ، ربما ما كان ليسرع ليبشر لأستاذ عبد النبى أكبر الموظفين سنا ومقاما قبل أى شخص آخر منتظرا أن يى الفرحة على وجهه ويسمع منه كلمات الثناء وربما يتوسط له عند المدير لينال السلفة التى (( داخ )) عليها منذ شهور ، ولكنه وجد وجه الأستاذ عبد النبى يسود وتعلوه غيمة من الحزن ممتزجة بالدهشة ويشوبها الألم
-انت متأكد من اللى بتقوله؟!
-انا سامعه بودانى وهو بيقول لسعادة البيه المدير ...
أخذ الأستاذ عبد النبى يكلم نسه وهو شبه غائب عما حوله لم ينتزعه إلا صوت عم بدوى الذى مازال يرجو بصيص من الأمل :
-انا مستنى الحلاوة بقى .... آه مش هتاكلوها عليا زى كل مرة...
لم يرد الأستاذ عبد النبى لكنه تركه وذهب يحكى ما سمع على بقية رؤساء الأدارات،وأنتشر البر وساد الذعر وكثر لكلام عمن يبقى ومن يذهب وحاول عم بدوى أن يفهم شيئا لكن محاولاته ذهبت سدى ، ولم يخرج بالكلام إلا ان الشركة ستحيل بعض الموظفين إلى المعاش المبكر ..
لم يكن خائفا على نفسه فكيف تستمر الشركة بدون (( البوفيه )) ؟!.. وكيف يستمر (( البوفيه )) بدونه؟! .. لكنه اشتد حزنا على (( الحلاوة )) التى قد منى نفسه بها وضاعت كالسراب..
وجاء اليوم الكل ينتظر القرار ويدعوا الله ان يرحمه من خراب بيته ، ولم يكن عم بدوى ينتظر القار خوفا مثلهم ولكن بدافع الفضول وحرصا على زبائنه الجيدين ، لكنه بهت عندما وجد اسمه بينهم لم يصدق وراجع الكشف مرات ومرات ولكن ما رآه كان حقيقة.
وسارت الأمور بعدها بسرعة مذهلة ، فقد اعطوه ملاليم وقالوا انها مستحقاته من معاشه المبكر عاش عليها لشهور هو وزوجته وأولاده الأربعة وحاول أن يبحث عن عمل ولكن ماذا يعمل وهو الذى لا يعرف إلا تحضير الشاى والقهوة وقد جاوز سنه الأربعين ، ولم تستطع أمرأته ان ترى طفالها جياعا فأخذتهم وذهبت إلى بلدتها لتعيش مع أهلها واركته وحيدا حى تحسن الظروف.
ولم تتحسن الظروف وظل لأيام يدور بين المكاتب والشركات بحثا عن عمل ولكن شيئأ لم يتغير
وكان يأمل أن يجد عملا فى أحد مصانع الملابس فلم يكن يملك قرشا واحدا فى جيبه ولم يتناول شئ منذ يومين ، فأرتدى قميصه (( الكاكى )) وبنطاله البنى الذى يبقيه للمناسبات ولمع حذائه وحاول أخفاء ما قطع منه قدر الإمكان وذهب إلى أمله الذى يرتجيه
كالعادة لم يجد ما يبحث عنه هناك فرج من الباب والحزن يكسو وجهه وآلام الجوع تعتصر أحشائه فجلس بجوار الباب على الرصيف يبكى ولا يولى على شئ ، لم يكن يعرف على أى شئ أصابه يبكى لكن أرتح لبكائه وأنخرط فيه ، ولكنه سرعان ما أنتبه على صوت سعال جواره لم يعرف من أين أتى ثُم أدرك أنه خرج من بين كومة الثياب الرثة شديدة القذارة الملقاة بجانبه ، ورأى ذلك الشخص المستلقى بجواره ، كان ذو بشرة سمراء وجسد ضئيل بلغ من هزاله أن ألتصق جلده بعظامه كاد أن يحول نظره عنه دون إكتراث ولكن تلك الأوراق فى يده جذبته ناحية هذا المتسول ثانية ..
-لماذا لا أأ خذها منه هو ليس بحاجة لها مثلى ؟!
-لكن هذه سرقة ..... ربنا يحاسبنى ...!
-بضعة جنيهات ،اسد بها جوعى وأردها عليه عندما يتيسر الحال فهو لا يبدو انه سيذهب إلى أى مكان..
-لكن حرام...
-أستغفر الله .... والله غفور رحيم..
هكذا أقنعته نفسه وقد لعبت شدة جوعه دورا كبيرا فى إقناعه ..
أنقض على يد هذا الشحاذ وأنتزع منها الأوراق المالية ، وقف برهة ينظر إلى هذا الجسد الذى لا يتحرك لا يدرى لماذا لا يهرب ، وفجأة فتح الشحاذ الفتحتين الغائرتان فى وجهه ونظر لعم بدوى بوجه خال من التعبير ولكنه كان كافيا ليجعل ساقى عم بدوى تحمل جسده البدين وتسابق به الرياح ..
جلس عم بدوى يلتقط أنفاسه وعد النقود، لم تكن سوى ثلاثة جنيهات ولكنها كفيلة بأن تسد جوعه إلى ما شاء الله ، وقفز فى أول أتوبيس بعد أن أطمئن أن ثلاث جنيهات باتت فى محفظته..
*********************
كان من أسرة فقيرة من ملايين الأسر التى تقع فى تلك المساحة الرمادية الضيقة من الحياة فلا هم يعيشون ولا هم ميتون.
يستيقظ كل صباح ليجد نفسه فى وسط تلك الأجساد التى أزدحمت بها الرفة التى يسكن فيها مع أمه المسنة وأخته التى طلقها زوها منذ عام فذحفت لبيت أمها وى تجرجر ورائها خمسة أولاد أمتلئ بهم المكانفلم يعد يتسع لموضع قدم أخرى .
ينزل كل يوم ليبحث عن (( القرش )) الذى يسد به تلك الأفواه التى تعلقت فى رقبته ، لا يهمهم ماذا يفعل لكى يأتى بالمال ،المهم أن يعيشوا ..
كان فى البداية يخرج ليبحث عن عمل بالفعل لكنه مع الوقت لم يعد يهتم هو الآخر بالطريق الذى يأتى به بالمال بل بات مؤكدا لديه أن هذا حق له وله أن يأذه من أى سبيل يتيسر أمامه حتى ولو بالقوة ..
كان بحاجة إلى مال – كالعادة – فركبب كما خطط فى أتوبيس مكتظ بالموظفين العائدين إلى منازلهم لعله يحظى بصيد ثمين،أخذ يفحص الركاب بعينى خبير ليقدر كم يساوى كل منهم ، وهنا وقعت عينيه علىه ذلك البدين الذى يرتدى قميصا كاكيا وبنطلون بنى اللون و له جيب خلفى منتفخ ...
نعم هو ، لابد انه منتفخ بالمحفظة التى يدفئها المرتب ، ياله من صيد ثمين سيمكنه منقضاء عدة أيام وهو يعيش كالملك دون الحاجة لسماع صراخ الأطفال ونحيب أمه المسنة أو إلحاح أخته التى ضاق بها ..
عقد العزم وأتجه نحوه فى حنكة وثبات وطمئنته البسمة التى على شفتى (( الزبون )) فهو بالتأكيد غارق فى أحلامه مع المرتب الطازج ، ومد إلى جيبه يدا خبيرة وهو يراقب باقى الركاب بعيني صقر ونجح ... كالعادة نجح ، ونزل فى أول محطة واسرع ينتحى بغنيمته فى أحد الشوارع قليلة الحركة ، وشرعفى فتح الحافظة ليرى محتواها ..
أوراق ، ثم أوراق ، ثم أوراق ، لا شئ سوى ثلاثة جنيهات لعينة تقبع فى أسفل المحفظة وضعها فى جيبه وأكمل بحثه ليجد ان عنائه لم يأت بشئ ، ونظر إلى المحفظة بين يديه فوجد صورة الرجل البدين وهو يبتسم له فى بلاهة وكأنه يسخر منه فقذف بالمحفظة فى عرض الشارع وأخذ يركلها بإنفعال شديد لينتقم خلالها من صاحبها الذى خدعه ..
كان شديد الأنفعال فلم يرها وهى مقبلة عليه ، لم يرها وهى تحذره ، لم يرها وهى تحاول تجنبه ، فأصطدمت به بشدة وجعلت دمائه تلون الطريق وتبعثرت أجزائه عبر الشارع ..
ونزل سائق السيارة منها وهو يعوى ويولول على حظه (( النحس )) الذى قاده لهذا المجنون ، وألتفت الناس حول السيارة النقل ،وتبرع بعضهم بطلب الأسعاف ، محاولين انقاذ ما لا يمكن أنقاذه ...
****************************
(( دكتور سيد )) ....
هكذا يناديه المرضى وهم يدسون الجنيهات فى جيبه ليبقيهم بعد أوقات الزيارة المسموحة ، هكذا تناديه الممرضات إذا أحبت إحداهم أن يغطى على غيابها عندما تنصرف مبكرا ، هكذا يناديه النواب الصغار إتقاء لشره ورجائا فى مودته ...
وكان دائما يجيب ندائهم وينفذ طلباتهم بعد أن يقبض المعلوم ، فهو كما يقول دائما ((ملاك رحمة )) ...
والحقيقة أن من يرى سيد بملامحه الغليظة وشاربه الكث وكرشه العظيم الذى برز رغما عن جسده الهائل ،سيدرك أنه أبعد ما يكون عن الرحمة..
لكنه كان مسيطر على المستشفى سيطرة تامة وعرف كل خباياها وكيف لا يعرفها وقد مكث فيها عمرا ،لذلك كان يهابه كل المدراء الذين مروا عليه وإن كانوا يداروا ذلك وراء غطاء منالشدة يتصنعونه امام الناس ، وكانت مشكلة واحدة تكفى مع اى مدير يحاول أن يتحداه ليعلم من هو المتحكم الحقيقى هنا ..
لكن اليوم لم يكن جيدا بالنسبة لسيد فلم يربح الكثير ، لذلك لم يعارض _ وهذا شئ نادر – فى أن يخروج ليلبى هذا الأستدعاء الذى جاء إلى المستشفى عن حادث فى أحد الشوارع القريبة ، ولذلك بعد أن انها كوب الشاى الذى كان يعده ، خرج مع الأسطى كرم سائق عربة الأسعاف وذهبا لأنقاذ هذا المستغيث ..
كان الفتى ميت بشدة – إذا جاز لنا هذا التعبير – فلم تبق السيلرة النقل جزءا منه سليم وكانت دمائه تلون الطريق واجزائه مبعثرة عبر الشارع ، فلملموه كما أتفق ، وعادوا من حيث أتوا ..
وفى الطريق فتش سيد الجثة ليرى ماذا كان يملك الفتى ، فلم يجد فى جيبه سوى ثلاثة جنيهات وضعهم فى جيبة .
وظل طوال اليوم ضميره يؤنبه لا لأنه لم يفعل ذلك – أقصد سرقة الجثة – ولكن لأن المبلغ لا يليق به وهو الذى يستطيع أن يجمع أضعاف أضعافه بدورة واحدة حول عنابر المستشفى ، وأقسم أيمانا مغلظة على ألا تبيت الجنيهات الثلاث فى جيبه وأن يتبرع بها لأول متسول يراه ...
وفى طريق عودته لبيته رأى ذلك المتسول المستلقى بجوار الحائط ، كان ذو بشرة سمراء وجسد ضئيل بلغ من هزاله أن ألتصق جلده بعظامه ، فوضع النقود بين يديه وذهب ..
********************
لم يعد مجدى يعيش فى الدنيا لم يعد يهتم بشئ ، لا شئ يفرحه ولا شئ يحزنه ، إلا إنه عندما سرقت منه جنيهاته الثلاثة أحس بغصة شديدة ..
وأقترب اليوم من الرحيل وبدأ الموظفون وعمال المصنع بالرحيل ومعهم بدأت همومه تعاوده ، وتاه فى خواطر لا يعرفها سواه ، ولم يذل يفكر فيما حدث له حتى فوجئ برجل غليظ الملامح ذو شارب كث وكرش عظيم يحمله جسد ضخم يقترب منه ، ارتعب فى البداية ولكن سرعان ما تبدد خوفه عندما وضع الرجل يده فى جيبه ليخرج منها بعض وريقات مالية ملفوفة ويضعها بين يديه ويذهب ..
نظر إلى الجنيهات الثلاثة بين يديه وعرفهم ، وظل زمنا ينظر لها فى بلاهةثُم انخرط فجأة فى نوبة ضحك عظيمة وارتفع صوته وألتفت إليه بعض المارة ولكن سرعان ما أبتلع ضجيج المارة ضحكته ، وتوارى بين أجساد الناس الذين ملأوا الشارع ، فأختفى مع ضحكاته .

تمت.

الاثنين، 15 ديسمبر 2008

كيف تريدها



سألتنى..... كيف تريدها .....؟؟

فأجبتها.... أريدها طفلة

بسيطة كطفلة..... بريئة كطفلة....تعرف كيف تداعب الأزهار وتسابق الفراشات.... تطالع الدنيا بعينين زاهلتين...تبعثر أشيائى اذا غضبت ...تلون الأشكال اذا ضحكت... اذا ابتعدت....ففى عينى موطنها.... اذا خافت فبين يدى مأمنها

نظرت لى فى ذهول.... فقلت له

انعم ياصغيرتى ..... اريدها مثلك

سألتنى.... كيف تريدها .....؟؟

فأجبتها.... أريدها امرأة

رقيقة جدا.... خجولة جدا....عذبة ... كأنغام لحن جميل ......تخطو بأحلامى حدود المستحيل.........تعرف كيف تحفظ حبى......تعرف كيف تحتوى غضبى......لا أبكى إلا بين يديها....... الليل بلون عينيها.....تعرف انى اراها اجمل النساء......وان حبها .... من اعماق قلبى الى حد السماء

نظرت لى فى خجل....

فقلت لهانعم ياسيدتى ..... اريدها مثلك

سألتنى.... كيف تريدها .....؟؟

فأجبتها.... أريدها صديقة

تعرف كل اسرارى ..... تفهم كل افكارى........ترافقنى فى الطريق الطويل.......تشاركنى فى الحمل الثقيل ....... انا وهى ...قلب واحد.....روح واحدة......شخص واحد

نظرت لى فى فهم.... فقلت لها

نعم ياصديقتى ..... اريدك انت....



تمت..

المصير




كان الجو داخل الغرفة خانقا ........فبرغم أن الشمس غابت منذ ساعات إلا أن حرارتها تأبى أن تترك المكان حتى أنك ستشعر بقطرات العرق تكاد تغمرك.....الضؤ الأصفر الباهت يغلف كل شئ فيجعل الغرفة تسبح فى سائل أصفر لزج ....
النافذة الضيقة مفتوحة ولكن لا يدخل منها هواء ...... براد الشاى موضوع على موقد الكيروسين بداخله يغلى الماء ، فيخرج منه بخار كثيف يكفى لصنع سحابة صغيرة و قطرات الماء المغلى تتساقط على الأرضية الأسمنتية للغرفة .....
رائحة طعام متعفن تنبعث من لفافة ما عل منضدة فى وسط الغرفة ..... أكوام من الجراد متناثرة هنا وهناك ......
على الحائط الذى تساقط معظم طلائه تجد صورة لفتاة .... صورة صغيرة موضعة فى إطار متآكل .... الصورة نفسها تبدو كأنها إلتقطت منذ زمن طويل ..... بجوار المنضدة يوجد ذلك الفراش الذى يرقد عليه جسد ذلك الشاب الذى لن تصدق أنه شاب إلا إذا رأيت شهادة ميلاده .... ملامح مرهقة ..... وجه نحيل .... رأس لم يبقى فيها إلا بضع شعيرات .... عيناه مفتوحتان ولكن تنظرن إللى ما لا نهاية ترى فيهما إنكسار شديد .. ولا شئ فيهما يوحى بالحياة ، بجواره جريدة مفتوحة على صفحة الوظائف الخالية ... وبين يديه ... إطار آخر به ورقة مكتوب عليها بالون الأسود ...... شهادة تخرج.


تمت

الجمعة، 31 أكتوبر 2008

نسمات الحب





نسمات الحب تداعبنى
تهمس فى أذنى ضاحكة
وتقول بأنى أعشقها
تترك لى روحى حائرة

تلقينى فى بحر الأفكار
تزرع فى قلبى أمنية
تخترق حصونى كالأعصار
وتعلم قلبى أغنية

أغنية حب ساهرة
تكتب لى قصص شعرية
أغنية حب هائمة
بخواطر تبدو خيالية

وتعلم قلبى كيف يحب
كيف يثور..وكيف يغار
وتعلم قلبى كيف الحزن
تعلمه نظم الأشعار

نسمات الحب تصاحبنى
ما عاد بملكى أن أختار
قد صار جليا أنى أحب
ما عاد بأمكانى إنكار

نسمات الحب

علم مصر





علم مصر...


أحمر... ابيض ... أسود...



أحمر بلون الدم..


دم الغلابة المعجونين ف الهم..


عايزين ومش طايلين ...


تايهين ومش فاهمين..


ع اللقمة بيدوروا....


لو حتى كانت سم.



ابيض..


ابيض بلون القلوب ..


رغم العذاب والقهر


ابيض بلون الجيوب..


واحنا فوسط الشهر


ابيض بلون العقول..


متغيبة بالأمر.


وأزاى نلوم ع الناس..


والناس هاريها الفقر.



أسود..


أسود بلون الفساد..


مستقبل الأولاد..


أسود بلون الضمير..


اللى باعوه ف مزاد.



علم مصر ..


احمر .. ابيض .. اسود ..

احساسى





احساسى عالى بالحياة والكون
للدنيا شايف خمسين ألف لون
حابب جميع الناس... لأ كل الحياة
حاسس بنفسى خلاص بقرب للجنون

نفسى أعيط بس برده سعيد بجد
نفسى أغنى..نفسى أحضن أى حد
ويا الطيور أطير وأعوم بين السحاب
نفسى الزمن يستنى ويبطل يعد

حالة غريبة عليا عمرى ما عشتها
حتى الحاجات الوحشة فيا بحبها
حالة سلام مع نفسى مع كل الوجود
حالة عرفتها بس بعد ماشوفتها

ارسم




نفسى اطير و اهرب بعيد
ارسملى يا قلمى جناح
ارسمنى وانا واقف سعيد
ارسملى دنيا تكون براح
ارسملى قلب ... ارسملى روح
ارسملى بسمة
يمكن الأحزان تروح
وارسم كمان أحلام بألوان الربيع
ارسم بشر غير البشر
ارسم مكان غير المكان
غطى بلون الفرح
على كل الجروح
وارسملى بسمة
يمكن الأحزان تروح
... يمكن

السبت، 18 أكتوبر 2008

بيوت من ورق



كانت أول مرة تراه فيها فى احدى الحفلات التى يقيمها اصدقاء ابيها.
كانت تعرفه أن له مستقبل باهر يتوقعه الجميع،وعرفت أن ابيها متحمس له بشدة........
- سألها والدها :ما رأيك..؟
- يبدو مناسبا...
-هل هذا يعنى انك موافقة......؟
ترددت قليلا ثم اجابت: - نعم.
- ألا تحتاجين لفرصة كى تتعرفى عليه أكثر ....؟!
-نظرت بعيدا وأجابت فى فتور : - لا ..... أعرف ما يكفينى.
ألتقت به بعد ذلك عدة مرات مع أهلها، وسألته فى احدى المرات:
- لما أخترتنى...؟!
- لما أخترتنى انت...؟
- انت تعرف لماذا..
- اذن نحن متفقين فى هذه النقطة على الأقل...!
- لكنك ستبنى لى بيتا...!
- بل قصرا ....قصرا لم ترى عينيك مثيلا له..
غمغمت وكأنها تحدث نفسها ..: - نعم...... لعله يصمد..!
وقد كان وقد كان لقد بنى لها قصرا شامخا كجبل ... حتى ان من يراه يحسب ان شيئا لا يقدر على هدمه،أما من الداخل ... فقد كان كل شئ مهيأ ليكون قطعة من الجنة...لم ترى شيئا اقرب من الكمال منه.
ولم يعكر فرحتها إلا ذلك البيت الخشبى المجاور للقصر ،كان بسيطا بتلك الطريقة التى تزيد الأشياء جمالا ... ولكنه بجوار القصر بدى حقيرا ... هشا إلى ابعد الحدود.
كان يسكن البيت رجل وزوجته... كانا دائمى الأبتسام و المرح ،شئ ما فيهما يوحى بالمودة...بالألفة،ولكنه فى نفس الوقت يخيفها، شئ ما فى طريقة إمساكه بيديها....فى نظرتها إليه،شئ كانت تجهله أو ربما تعرف ما هو ولكن تخشى ان تصارح نفسها به.
كان قد مر شهر .. ولا تستطيع ان تقول انها سعيدة،كما انها ليست بتعيسة ،لكن لا شئ اختلف عن حياتها قبل الزواج إلا مكان إقامتها، حتى القصر كانت قد زالت حالة الأنبهار به ولكنه بقى مكانا لا بأس به للعيش فيه .
كان قد مر شهر حين رأته لأول مرة... شخر صغير فى طول وسمك الشعرةيسكن احد جدران القصر ...
- من اين اتى...؟!
- لا أدرى...لكنه لا يبدو خطيرا،يمكننا إن نداريه بشئ ما..
- نعم .. نعم ...شئ ما ...لا يهم..
مرت الأيام والشرخ يزداد عمقا وطولا وكلما رآه أحدهما قال:
- لا يهم ماذا يمكن أن يحدثه مثل ذلك الشرخ الصغير زز فى الجدار القوى .... ربما نصلحه فىما بعد...وربما لا ..لايهم..
وأنتهى فصل الربيع ةبدأفصل الشتاء منذرا بعواصفه ... وظلت أياما تجلس وزوجها بالمنزل دون أن يتحدثا كلمة واحدة... فقط من وقت لآخر يقطع الرعد جدار الصمت المريع بينهما فترتعد خوفا ...إن العاصفة آتية لا محالة.
لاتدرى لماذا تشعر بالخوف ؟! لاتدرى لما تذكرت الشرخ على الجدار ؟! لا تدرى اسرعت تبحث عنه؟!...ولم تكن بحاجة للبحث عنه..لقد اصبح فى كل مكان وقد ازداد حجمه بطريقة مرعبة حتى اصبح كثعبان اسطورى مهيب يزحف ببطأ على الجدران....الآن اصبح خوفها رعبا او ربما الرعب لم يعد الكلمة المناسبة لوصف احساسها،لقد ادركت الحقيقة اخيرا ولكن ترى... هل فات الأوان...؟!
هرعت إلى زوجها لتوقظه:-استيقظ ارجوك ...إن الشرخ يزحف على الجدران ... هل يمكنك إصلاحه ... ارجوك.
-نعم .. نعم...فيما بعد.
-أنى خائفة ... أشعر به و كأنه يبتلعنى بين طياته،افعل شيئا ارجوك..
-لا تخافى بيتنا فى قوة الجبال.
-يالك من احمق ... بيتنا ينهار...!
ولم يوقظه إلا صوت العاصفة تضرب البيت برياحها،هب مسرعا ليرى بعينه الحقيقة،وعبثا حاول أن يصلح أى شئ .. لقد فات الأوان .. البيت يتصدع .. البيت ينهار..
اسرعا يركضان تحت امطار العاصفة خارج البيت،والعجيب أن العاصفة ضربت بيت جيرانهما الذى كان يبدو هشا ولكنه صمد كالطود العظيم بينما بيتهما الذى كان يناطح السحاب إنهار كأنه بيت من ورق..!
وقف زوجها ينظر إلى المشهد فى بلاهة لا يصدق ما يحدث
-لماذا إنهار ...؟! مالذى كان ينقصه ليصمد ..؟! ما الذى نسيناه...؟!
اجابت عليه وهى تنظر فى شرود لبيت جيرانهما.....
-ألم تدرك بعد .... لقد نسينا ان نحب....!
تمت