ريما....من لم يعشقها......؟
جميلة كأزهار اللوز فى حديقتها....نقية كجداول المياة فوق التلال الخضراء..... رقيقة كنسمة هواء فى شهر نيسان.... عذبة كأغنية حب تشدو بها الحياة...
مازالت صغيرة.....تفتح عينيها على الدنيا.... كأزهارها الصغيرة التى تفتح اوراقها لتستقبل الربيع القادم.....
ريما تحلم.....ريما تلعب.....ريما لا تعرف إلا ابويها ..... ودميتها التى تحتضنها عندما تنام......
ريما ...لا تعلم ماذا يمكن ان يفعل بها الزمان.......
**********************
من بعيد تسمع صوت آذان الفجر يرتفع بصوت جميل فيبدو كل شئ حولها كالحلم وللحظة نست ما هى مقبلة عليه.....
رياح ايلول تتلاعب بأوراق الأشجار المتساقطة حولها فتصنع منها دوامات صغيرة على جانبى الطريق غير الممهدة....
جميلة هى...ذلك الجمال الذى تحمله التماثيل...لكن الحياة لم تعد تسكنها منذ وقت طويل.....
عيناها الزرقاوان التى تختبئ خلف عويناتها الأنيقة تحملان بحار من الألم امتزج بالحزن.....ليغرق داخلهما الأمل ....
*********************
ريما....
ترى.... بماذا تحلم...؟
ربما تحلم بالطيور تغرد قرب نافذتها الصغيرة.....ربما تحلم باللعب مع اصحابها فوق الربوة القريبة.......
لكن احلام الربيع انتهت على صوت الرعد...لماذا اتى الشتاء قبل موعده.....؟! ترى هل ستسمح لها امها بالعب مع اصحابها بعد الآن.....؟
كان هذا ما تفكر فيه ..... لم تكن تعرف ان الهول قد بدأ..... وأن هذه آخر ليلة يمكن ان تحلم فيها......
**********************
ترتعد....ترى هل هى خائفة ...؟! ام انها برودة رياح الخريف تمهد لعودة شتاء جديد....؟!
تنظر الى التلال التى ما عادت تعرفها.....تحاول ان تسترجع اشياء ما عادت تذكرها عن اوقات تعلم انها لن تعود
تسمع صوت الأجراس تدق داخل أطلال الكنيسة فوق التلال الجرداء.... فتتعجب هل هناك احد مازال يسكنها....ام انها تتوهم؟!
ترى تلك المنازل المهجورة ..... فتذكر......
********************
الظلام... صرخات امها تناديها...ابوها يركض نحوها ...صوت الرعد يرتفع اكثر...
منذ متى والسماء تمطر نيران.... ؟!
الكل يركض فى كل اتجاه ... لا أحد يعرف ما يحدث ..... السماء اضيئت بآلاف الأضواء التى تحلق فى الفضاء ثم تهوى بجنون فوق الرؤوس .... وتلك الوحوش.....! نعم وحوش لكنها تنفث نيرانا تلتهم كل شئ ... البيوت ...الناس ...الأحلام .... والزهور الصغيرة التى نبتت فى نيسان...
امها تحتضنها وتجرى خلف ابيها ، تحاول الهرب ... لكنها تتوقف فجأة وتسقط ... تنظر اليها وشبح ابتسامة تظهر فى خجل فوق شفتيها المرتجفتان وكأنها تطمأنها ..... يشخص بصرها .... تنحدر دمعة ببطأ على وجنتيها ...وتختفى الأبتسامة....
ريما لا تعرف..... ريما لاتفهم ..... لماذا يبكى ابوها ...؟!
ينحنى ابوها ليقبل امها على وجنتها ... يحمل ريما ويركض....
(لماذا تركناها ياأبى.....؟!) .... لايجيب ، لم يعد هناك ما يقال...
************************
اليوم ريما تعرف.......اليوم ريما تفهم....
أشباح أضواء تختلط بظلال أشخاص لتسقط على الطريق شبه المظلم امامها..... تقترب اكثر .... ترى بوضوح الآن .... اصواتهم تعلو كلما اقتربت – كم تمقتهم وتمقت وجوههم – و بنادقهم الآلية تتدلى من خصر كل منهم ...
اليوم هى تفهم..... هم من قتلوا امها .... حلمها ..... دميتها الصغيرة .... ازهارها ..... هم من اسكتوا اجراس الكنيسة ....
اليوم هى تعرف....تعرف كيف تنتقم .....تعرف ماذا عليها ان تفعل لتعود الى ذلك الحلم الذى انتذعوه منها يوما ما.....
يرونها..... يتجه احدهم اليها ليوقفها ويتفقد اوراقها ... يسألها عن شئ ما ... لكنها لاتجيب .... هى لم تعد معهم ...انها على اعتاب ذلك الحلم الذى تركته منذ عشرين عاما ..... حلما ترى فيه امها ودميتها وازهارها ... و تمد يدها لهذا الحلم...
يصرخ ذلك الجندى الذى رآها تمد يدها لزر التفجير ويحاول ان يحذر الآخرين.... لكن انتهى الأمر ... لقد وصلت لحلمها ... وأخذتهم معها الى الجحيم...
اليوم عادت ريما .... الطفلة الجميلة .... التى تركض فوق التلال لتعانق نسمات الربيع التى يحملها لها شهر نيسان ......
تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق