كان يجلس معهم على القهوة ، يحكى لهم عن حلمه .. فيستهزئ البعض .. ويتصنع البعض الأهتمام .. ويبقى معظمهم شاردا مع افكاره ، مشغول بحاله ، مهموم بمشاكله..
لكنه ليس مثلهم ، لم يكن قط مثلهم ..
كان مجدى واحد من سكان هذه الحارة الضيقة ، الذى يقبع داخل هذا الحى الشعبى الذى ينتمى إلى العشوائيات ، الذين ما يكاد ينتهى اليوم حتى ينتهى سعى كل واحد منهم ما بين من مقبل من عمله و من كان يسعى بحثا عنه ، منهم من يجلس هانئ البال بما يوجد فى ذيل حيبه من اموال لا تتعدى بضع جنيهات ويأبى ان يعود لبيته دون ان(( يبر نفسه )) بشئ من تلك الغنيمة التى جائت بعد صبر طويل ، فيطلب التعميرة ويدس فيها قطعة الحشيش الصغيرة التى اشتراها من المعلم صاحب القهوة ليدخل إلى تلك العوالم الوردية التى يحلم بها ، ويمنى نفسه بليلة (( حلوة )) يقضيها مع زوجته التى تنتظره بالبيت ، ومنهم من مر يومه دون ان يحصل على شئ إلا هم جديد يضيفه إلى تاريخه الملئ بالهموم ويأبى ايضا ان يعود إلى بيته فى محاولة منه ان يؤجل المواجهة المحسومة بين الجوع الذى يمزق اولاده وزوجته - الذين يمنون انفسهم بما سوف يحمله لهم – وبين ضيق ذات اليد الذى يمزق روحه ويزهقها .....
لكنه قط لم يكن مثلهم ....
كان مجدى بسمرة بشرته وملامحه غير المنتناسقة يشبه ابناء حارته ،لكنه كان يملك ما لم يملكه احدهم ، كان يملك بداخله طموح كبير شامخ كجبل يأبى ان ينحنى للواقع المرير الذى يحيط به ..
وعلى النقيض من طموحه كان جسده ضئيل فلم يملك قوة الساعد التى تمكنه من العمل فى ورش الحدادة او السيارات كمعظم اقرانه لكنه ملك من الذكاء ما مكنه وهو فى تلك الظروف من الحصول على دبلوم الصنايع الذى ادرك بدون جهد جهيد منه انه لن يساعده على أن (( يأكل عيش )) فى هذا البلد لكنه ظل رغم ذلك مدعاة للفخر امام سكان الحارة إذ كان من القلة التى نالت شئ من التعليم فى حين ان معظم اهل الحارة لا يستطيعون (( فك الخط )) .
لم يكن يستكين لحاله مثلهم ، كان دائما يبحث عن عمل و يجمع ما يستطيع من المال - وإن كان قليل – كى يصل لحلمه، كان فى الوقت الذى لا يعمل فيه تجده جالس على أول ذلك الشارع الكبير القريب من حارتهم ، لينظر إلى حلمه الذى يتمناه
حيث كان مصنع الملابس الذى يتمنى ان يملك مثله يوما قابعا ، لاتتوقف الحركة فيه طوال اليوم ....
كان يعرف ما الذى سيفعله، وقد جائته الفرصة الآن وسوف يستغلها ، قرأ فى الجرائد عن احدى مدن الشباب التى يمكن ان يحصل فيها على مكان البداية سوف يبدأ بماكينة خياطة واحدة مستفيدا بالخبرة التى حصل عليها من عمله فى احد مصانع الملابس ، سوف يجمع ما قام بتوفيره من عمله طوال تلك السنين و يبيع قرط امه وسلسلتها الذهبية التى ورثتها من جدتها التى اشترتها فى ايام العز - عندما كان الجنيه يستطيع أن يشترى ذهبا – وورثها هو من امه عندما ماتت ، ويستلف ما يتبقى له ويذهب ليقدم اوراقه ولا ينسى ان (( يغمز )) الموظف المسئول ببعض الأوراق المالية ليضمن ان يجد له مكان بين المتقدمين ..!
وكان ان فاز بما أراد ، وكان يوم خروجه من الحارة يوم مشهود ، كان اهل الحارة يودعه كما كان يودع الناس الفاتحين الذاهبين للغزو ، وظل الحديث على القهوة لأسابيع يدور حول ما حدث وما سيحدث له وكثرت التكهنات مابين من يؤكد رجوعه خائبا بخفى حنين ومن يتمنى له النجاح.
ومرت الأيام لتحمل لسكان الحارة المزيد من الشقاء والهموم لينسوا معها هذا الذى ذهب ليحقق حلمه ، وكأنه لم يكن ، وتسكت الهمهمات فوق مقاعد القهوة.
كانت قد مرت شهور على رحيله عندما فوجئ رواد القهوة بشخص غريب يدخل عليهم
يبدوا كالشحاذين او المجانين الذين يملؤن الطرقات لم يتحدث إلى اى منهم فقط جلس بعيدا ولكنهم بعد قليل تعرفوا إلى تلك الملامح التى تشبه ملامح ابناء الحارة والجسد الضئيل الذى زاد هزاله فألتصق جلده بعظامه.
سألوه كثيرا ولم يجب عليهم فقط تركهم لحيرتهم تأكلهم وذهب لبيته ، وانتشرت الشائعات عن (( المشغل )) الذى فى وسط الصحراء بلا سكان او خدمات ، والمقلب الذى شربه ، والسرقة التى حدثت، والضابط الذى رفض حتى الدخول إلى ذلك الحى (( اللبط )) الذى يسكنه قطاع الطرق ، و (( البهدلة )) التى نالها ذلك المسكين ، والجنيهات الثلاثة التى لم يعد يملك من ماله الضائع غيرها ، وعاد الكلام ليدور عنه على القهوة ما بين شامت فيه ومشفق عليه ، وكالعادة لعبت الحياة دورها فى نسيان ما حدث وعاد مجدى من جديد كأن لم يكن.
فقط اذا اردت ان تراه اذهب لناصية ذلك الشارع الكبير القريب من حارتهم لتجده هناك جالس ليبكى على ذلك الحلم الذى يراه امامه ولن يصل اليه ، ينام فى الشارع ويجلس كالمتسولين يتلقى من الناس ما يعطونه له ، ويمسك بجنيهاته الثلاثة لا يفارقها حتى وهو نائم..
**********************
لم يكن عم بدوى يعرف ان كل هذا سيحدث وهو يهمس بتلك الكلمات القليلة فى أذن الأستاذ عبد النبى مدير شؤون العاملين بالشركة ....
آه لو كان يعرف ، ربما ما كان أطرق السمع لما يدور فى حجرة البيه المدير من مناقشات بينه وبين وكيل الوزارة الذى جاء لينقل أليه الأخبار بنفسه قبل ان يتم تطبيق القرار ..
(( الشركة هتتخصخص )) هكذا سمعها تقال ولم يعرف معناها ولكنه استنتج مما قيل بعدها عن الخير اللى هيعم على الكل والسياسة الرشيدة للدولة انها بالتأكيد ومما لا شك فيه (( علاوة )) سوف تأتى للموظفين وبالتالى سينال منهم الحلاوة ويصيبه من (( الحب جانب ))
آه لو كان يعرف ، ربما ما كان ليسرع ليبشر لأستاذ عبد النبى أكبر الموظفين سنا ومقاما قبل أى شخص آخر منتظرا أن يى الفرحة على وجهه ويسمع منه كلمات الثناء وربما يتوسط له عند المدير لينال السلفة التى (( داخ )) عليها منذ شهور ، ولكنه وجد وجه الأستاذ عبد النبى يسود وتعلوه غيمة من الحزن ممتزجة بالدهشة ويشوبها الألم
-انت متأكد من اللى بتقوله؟!
-انا سامعه بودانى وهو بيقول لسعادة البيه المدير ...
أخذ الأستاذ عبد النبى يكلم نسه وهو شبه غائب عما حوله لم ينتزعه إلا صوت عم بدوى الذى مازال يرجو بصيص من الأمل :
-انا مستنى الحلاوة بقى .... آه مش هتاكلوها عليا زى كل مرة...
لم يرد الأستاذ عبد النبى لكنه تركه وذهب يحكى ما سمع على بقية رؤساء الأدارات،وأنتشر البر وساد الذعر وكثر لكلام عمن يبقى ومن يذهب وحاول عم بدوى أن يفهم شيئا لكن محاولاته ذهبت سدى ، ولم يخرج بالكلام إلا ان الشركة ستحيل بعض الموظفين إلى المعاش المبكر ..
لم يكن خائفا على نفسه فكيف تستمر الشركة بدون (( البوفيه )) ؟!.. وكيف يستمر (( البوفيه )) بدونه؟! .. لكنه اشتد حزنا على (( الحلاوة )) التى قد منى نفسه بها وضاعت كالسراب..
وجاء اليوم الكل ينتظر القرار ويدعوا الله ان يرحمه من خراب بيته ، ولم يكن عم بدوى ينتظر القار خوفا مثلهم ولكن بدافع الفضول وحرصا على زبائنه الجيدين ، لكنه بهت عندما وجد اسمه بينهم لم يصدق وراجع الكشف مرات ومرات ولكن ما رآه كان حقيقة.
وسارت الأمور بعدها بسرعة مذهلة ، فقد اعطوه ملاليم وقالوا انها مستحقاته من معاشه المبكر عاش عليها لشهور هو وزوجته وأولاده الأربعة وحاول أن يبحث عن عمل ولكن ماذا يعمل وهو الذى لا يعرف إلا تحضير الشاى والقهوة وقد جاوز سنه الأربعين ، ولم تستطع أمرأته ان ترى طفالها جياعا فأخذتهم وذهبت إلى بلدتها لتعيش مع أهلها واركته وحيدا حى تحسن الظروف.
ولم تتحسن الظروف وظل لأيام يدور بين المكاتب والشركات بحثا عن عمل ولكن شيئأ لم يتغير
وكان يأمل أن يجد عملا فى أحد مصانع الملابس فلم يكن يملك قرشا واحدا فى جيبه ولم يتناول شئ منذ يومين ، فأرتدى قميصه (( الكاكى )) وبنطاله البنى الذى يبقيه للمناسبات ولمع حذائه وحاول أخفاء ما قطع منه قدر الإمكان وذهب إلى أمله الذى يرتجيه
كالعادة لم يجد ما يبحث عنه هناك فرج من الباب والحزن يكسو وجهه وآلام الجوع تعتصر أحشائه فجلس بجوار الباب على الرصيف يبكى ولا يولى على شئ ، لم يكن يعرف على أى شئ أصابه يبكى لكن أرتح لبكائه وأنخرط فيه ، ولكنه سرعان ما أنتبه على صوت سعال جواره لم يعرف من أين أتى ثُم أدرك أنه خرج من بين كومة الثياب الرثة شديدة القذارة الملقاة بجانبه ، ورأى ذلك الشخص المستلقى بجواره ، كان ذو بشرة سمراء وجسد ضئيل بلغ من هزاله أن ألتصق جلده بعظامه كاد أن يحول نظره عنه دون إكتراث ولكن تلك الأوراق فى يده جذبته ناحية هذا المتسول ثانية ..
-لماذا لا أأ خذها منه هو ليس بحاجة لها مثلى ؟!
-لكن هذه سرقة ..... ربنا يحاسبنى ...!
-بضعة جنيهات ،اسد بها جوعى وأردها عليه عندما يتيسر الحال فهو لا يبدو انه سيذهب إلى أى مكان..
-لكن حرام...
-أستغفر الله .... والله غفور رحيم..
هكذا أقنعته نفسه وقد لعبت شدة جوعه دورا كبيرا فى إقناعه ..
أنقض على يد هذا الشحاذ وأنتزع منها الأوراق المالية ، وقف برهة ينظر إلى هذا الجسد الذى لا يتحرك لا يدرى لماذا لا يهرب ، وفجأة فتح الشحاذ الفتحتين الغائرتان فى وجهه ونظر لعم بدوى بوجه خال من التعبير ولكنه كان كافيا ليجعل ساقى عم بدوى تحمل جسده البدين وتسابق به الرياح ..
جلس عم بدوى يلتقط أنفاسه وعد النقود، لم تكن سوى ثلاثة جنيهات ولكنها كفيلة بأن تسد جوعه إلى ما شاء الله ، وقفز فى أول أتوبيس بعد أن أطمئن أن ثلاث جنيهات باتت فى محفظته..
*********************
كان من أسرة فقيرة من ملايين الأسر التى تقع فى تلك المساحة الرمادية الضيقة من الحياة فلا هم يعيشون ولا هم ميتون.
يستيقظ كل صباح ليجد نفسه فى وسط تلك الأجساد التى أزدحمت بها الرفة التى يسكن فيها مع أمه المسنة وأخته التى طلقها زوها منذ عام فذحفت لبيت أمها وى تجرجر ورائها خمسة أولاد أمتلئ بهم المكانفلم يعد يتسع لموضع قدم أخرى .
ينزل كل يوم ليبحث عن (( القرش )) الذى يسد به تلك الأفواه التى تعلقت فى رقبته ، لا يهمهم ماذا يفعل لكى يأتى بالمال ،المهم أن يعيشوا ..
كان فى البداية يخرج ليبحث عن عمل بالفعل لكنه مع الوقت لم يعد يهتم هو الآخر بالطريق الذى يأتى به بالمال بل بات مؤكدا لديه أن هذا حق له وله أن يأذه من أى سبيل يتيسر أمامه حتى ولو بالقوة ..
كان بحاجة إلى مال – كالعادة – فركبب كما خطط فى أتوبيس مكتظ بالموظفين العائدين إلى منازلهم لعله يحظى بصيد ثمين،أخذ يفحص الركاب بعينى خبير ليقدر كم يساوى كل منهم ، وهنا وقعت عينيه علىه ذلك البدين الذى يرتدى قميصا كاكيا وبنطلون بنى اللون و له جيب خلفى منتفخ ...
نعم هو ، لابد انه منتفخ بالمحفظة التى يدفئها المرتب ، ياله من صيد ثمين سيمكنه منقضاء عدة أيام وهو يعيش كالملك دون الحاجة لسماع صراخ الأطفال ونحيب أمه المسنة أو إلحاح أخته التى ضاق بها ..
عقد العزم وأتجه نحوه فى حنكة وثبات وطمئنته البسمة التى على شفتى (( الزبون )) فهو بالتأكيد غارق فى أحلامه مع المرتب الطازج ، ومد إلى جيبه يدا خبيرة وهو يراقب باقى الركاب بعيني صقر ونجح ... كالعادة نجح ، ونزل فى أول محطة واسرع ينتحى بغنيمته فى أحد الشوارع قليلة الحركة ، وشرعفى فتح الحافظة ليرى محتواها ..
أوراق ، ثم أوراق ، ثم أوراق ، لا شئ سوى ثلاثة جنيهات لعينة تقبع فى أسفل المحفظة وضعها فى جيبه وأكمل بحثه ليجد ان عنائه لم يأت بشئ ، ونظر إلى المحفظة بين يديه فوجد صورة الرجل البدين وهو يبتسم له فى بلاهة وكأنه يسخر منه فقذف بالمحفظة فى عرض الشارع وأخذ يركلها بإنفعال شديد لينتقم خلالها من صاحبها الذى خدعه ..
كان شديد الأنفعال فلم يرها وهى مقبلة عليه ، لم يرها وهى تحذره ، لم يرها وهى تحاول تجنبه ، فأصطدمت به بشدة وجعلت دمائه تلون الطريق وتبعثرت أجزائه عبر الشارع ..
ونزل سائق السيارة منها وهو يعوى ويولول على حظه (( النحس )) الذى قاده لهذا المجنون ، وألتفت الناس حول السيارة النقل ،وتبرع بعضهم بطلب الأسعاف ، محاولين انقاذ ما لا يمكن أنقاذه ...
****************************
(( دكتور سيد )) ....
هكذا يناديه المرضى وهم يدسون الجنيهات فى جيبه ليبقيهم بعد أوقات الزيارة المسموحة ، هكذا تناديه الممرضات إذا أحبت إحداهم أن يغطى على غيابها عندما تنصرف مبكرا ، هكذا يناديه النواب الصغار إتقاء لشره ورجائا فى مودته ...
وكان دائما يجيب ندائهم وينفذ طلباتهم بعد أن يقبض المعلوم ، فهو كما يقول دائما ((ملاك رحمة )) ...
والحقيقة أن من يرى سيد بملامحه الغليظة وشاربه الكث وكرشه العظيم الذى برز رغما عن جسده الهائل ،سيدرك أنه أبعد ما يكون عن الرحمة..
لكنه كان مسيطر على المستشفى سيطرة تامة وعرف كل خباياها وكيف لا يعرفها وقد مكث فيها عمرا ،لذلك كان يهابه كل المدراء الذين مروا عليه وإن كانوا يداروا ذلك وراء غطاء منالشدة يتصنعونه امام الناس ، وكانت مشكلة واحدة تكفى مع اى مدير يحاول أن يتحداه ليعلم من هو المتحكم الحقيقى هنا ..
لكن اليوم لم يكن جيدا بالنسبة لسيد فلم يربح الكثير ، لذلك لم يعارض _ وهذا شئ نادر – فى أن يخروج ليلبى هذا الأستدعاء الذى جاء إلى المستشفى عن حادث فى أحد الشوارع القريبة ، ولذلك بعد أن انها كوب الشاى الذى كان يعده ، خرج مع الأسطى كرم سائق عربة الأسعاف وذهبا لأنقاذ هذا المستغيث ..
كان الفتى ميت بشدة – إذا جاز لنا هذا التعبير – فلم تبق السيلرة النقل جزءا منه سليم وكانت دمائه تلون الطريق واجزائه مبعثرة عبر الشارع ، فلملموه كما أتفق ، وعادوا من حيث أتوا ..
وفى الطريق فتش سيد الجثة ليرى ماذا كان يملك الفتى ، فلم يجد فى جيبه سوى ثلاثة جنيهات وضعهم فى جيبة .
وظل طوال اليوم ضميره يؤنبه لا لأنه لم يفعل ذلك – أقصد سرقة الجثة – ولكن لأن المبلغ لا يليق به وهو الذى يستطيع أن يجمع أضعاف أضعافه بدورة واحدة حول عنابر المستشفى ، وأقسم أيمانا مغلظة على ألا تبيت الجنيهات الثلاث فى جيبه وأن يتبرع بها لأول متسول يراه ...
وفى طريق عودته لبيته رأى ذلك المتسول المستلقى بجوار الحائط ، كان ذو بشرة سمراء وجسد ضئيل بلغ من هزاله أن ألتصق جلده بعظامه ، فوضع النقود بين يديه وذهب ..
********************
لم يعد مجدى يعيش فى الدنيا لم يعد يهتم بشئ ، لا شئ يفرحه ولا شئ يحزنه ، إلا إنه عندما سرقت منه جنيهاته الثلاثة أحس بغصة شديدة ..
وأقترب اليوم من الرحيل وبدأ الموظفون وعمال المصنع بالرحيل ومعهم بدأت همومه تعاوده ، وتاه فى خواطر لا يعرفها سواه ، ولم يذل يفكر فيما حدث له حتى فوجئ برجل غليظ الملامح ذو شارب كث وكرش عظيم يحمله جسد ضخم يقترب منه ، ارتعب فى البداية ولكن سرعان ما تبدد خوفه عندما وضع الرجل يده فى جيبه ليخرج منها بعض وريقات مالية ملفوفة ويضعها بين يديه ويذهب ..
نظر إلى الجنيهات الثلاثة بين يديه وعرفهم ، وظل زمنا ينظر لها فى بلاهةثُم انخرط فجأة فى نوبة ضحك عظيمة وارتفع صوته وألتفت إليه بعض المارة ولكن سرعان ما أبتلع ضجيج المارة ضحكته ، وتوارى بين أجساد الناس الذين ملأوا الشارع ، فأختفى مع ضحكاته .
تمت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق