بالطبع لم يكن اول (( تى شيرت )) تشتريه ، ولم يعد هذا النوع من الملابس يناسب سنها الذى يقترب بسرعة من الأربعين ، هذا اذا تغاضينا عن لونه البرتقالى (( الفاقع )) الذى لا تستطيع العين تجنبه ، لكنها اشترته ....
ذهبت الى ذلك (( المول )) الذى لم يكن سوى مجموعة من المحلات الصغيرة متجمعة فى دور واحد له سلالم يهبط بها عن الأرض لمسافة صغيرة ، لتشترى شيئا ما للشتاء القادم دون ان يخل بالميزانية الصغيرة التى وضعتها لذلك ...
لم يكن معها من تسأله عن رأيه فيما تشترى ...ارتدت ذلك المعطف الأسود ، ذو القماش الصوفى والأزرار الرمادية الكبيرة فوجدت انه يضفى عليها – بالأضافة الى خلصة شعرها الفضية والتجاعيد حول ركن الفم – لمحة وقار احبتها كما انه يجعل لون بشرتها الشاحب يزداد وضوحا ليبدو كهالة ضوء تحيط بها ...
السعر الذى لمحته بطرف عينها مطبوعا على البطاقة الصغيرة عند الكم الأيسر يبدو مناسب ، انه الأختيار الأمثل اذا ، لكن لما لا تجرب شيئا آخر ولو على سبيل تضييع بعض من وقت الفراغ الشاسع لديها..؟!
امتدت يدها الى الجاكيت البنى ذو الفرو الناعم عند الرقبة – دائما ما تحب النساء ملمس الفرو الناعم – وكادت ان ترتديه حين لمحت اللون البرتقالى فى ركن المحل ، دفعها الفضول اليه ، امسكت به بيد واحدة فيما بدا للبائعة انه اشمئزاز فإنطلقت تقول شيئا ما عن ذوق الشباب الذى لا يعرف احد الى اين سينحدر اكثر من هذا رغم انها هى نفسها لم تتعد العشرين من عمرها ...!
امسكت ال (( تى شيرت )) بكلتا يديها بعد ان القت الجاكيت البنى جانبا، ونظرت بعينين سعيدتين الى الرسوم التى يحملها والجيب الكبير الواسع فى منتصفه وحسمت قضية جدال بدأتها البائعة بعينيها حين قالت بلهجة واثقة :
- سأشتريه .... !
تعجبت صديقتها من ذوقها الذى خانها لأول مرة ، وضرب بائع الصحف الذى تمر عليه كل صباح كفاً بكف متعجبا وهو يحكى لعسكرى المرور – وهما يشربان الشاى - عن تلك المرأة المتصابية و (( الحريم إللى بيتجنوا على كبر )) ، وتعجب زملائها فى العمل من هذا ال (( تى شيرت )) الذى ترتديه كل يوم تقريبا و تسائلوا عن السر ...!
بدأ الكلام وانتهى ولم يعرفوا السر ، ولم يعرفوا ايضا انها انها لا ترتديه فقط عند خروجها بل ترتديه فى كل وقت تقريبا ...!
والسبب الذى لم يعرفه احد انها عندما تجلس فى فراغ البيت المحيط بها وتشعر بالوحشة من اثاث المنزل الذى سأم وجودها الدائم هناك ، تضع كلتا يديها داخل جيبه الكبير لتمسك احداهما بالأخرى حين لا تجد من يمسك بيديها .... !
تمت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق